قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213192 مشاهدة
القصد من المسابقة والمغالبة

[ باب: المسابقة والمغالبة ] .


[باب: المسابقة والمغالبة ]
هذا الباب يدخل فيه المسابقة على الخيل والمسابقة على الرمي والمسابقة على الإبل والمسابقة على الأقدام، وكذلك أيضا المسابقة بالمصارعة؛ أيهما يقوى فيصرع الآخر، وتسمى المغالبة، وفي هذه الأزمنة أيضا ما يسمى بالمباريات الرياضية.
والمسابقة والمغالبة القصد منها أصلا التمرن على القوة وعلى سرعة الجري؛ فيمرن الفرس على سرعة الجري، وكذلك يمرن البعير على سرعة السير وعلى قوته، وكذلك أيضا إذا هو سابق على قدميه يتمرن ويكتسب قوة بدنية، وكذلك إذا تسابقوا بالرمي أيهم يصيب الهدف، كما لو نصبوا هدفا ثم أخذوا يرمونه بالسهام، وقديما كان الرمي بالسهام التي تجعل في القوس، والآن يجعلونها بالرصاص والحكم واحد، فإذا نصبوا هدفا من أصابه يجعل له كذا وكذا من المال أو غيره؛ ففي هذه الحال يصح، ويكون له العوض، وذلك ليتدربوا.
وفي مثل هذا التدرب تقوية البدن على الطلب وعلى الهرب، وكذلك التقوية على إصابة الهدف، حتى إذا تقابل مع العدو فإذا هو قد عرف كيفية الرمي واستطاع أن يصيب من يرميه من العدو، ولا يصاب هو؛ فمثل هذا جائز وفيه منفعة، وقد تكلم عليه العلماء قديما، ومنهم ابن القيم في كتاب الفروسية فإنه تكلم على هذه المسابقات، وعلى ركوب الخيل وما أشبهها، والجري، وركوب الإبل، وما أشبه ذلك.